You are currently viewing قصيدة «ذكرى الهجرة»

من ديوان «همسات – 1952م/1372هـ»

ناحتِ الشمسُ على عامِ مضَى *** ثم ذابت حمرةً في الأفق

وأفاضَتْ مِن شجاها زفرَةً *** صبغت أنوارها بالشَّفق

ووراء الأفق بحرٌ صاخبٌ *** يتلظّى بالبِلي المصطفق

تسبح الأجيال في تَيَّاره *** فلكه مُضْطَربٌ في نزق

فإذا ما لعبَ الْبَحرُ به *** ترجفُ الدُّنيَا له من فرق


فهنا عام وقد ملَّ السُّرى *** فانزوى خلف سجافِ الغَسَّق

لاهثاً أكدى وللدهر يَدٌ *** بِعصور سلفت لم تُشفق

يا لِغَرْقَى ذهب الماضي بِهم *** وذكاءٌ في ذهول المطرق

كل عامِ تُرْسل الدَّمْع على *** راحلِ أحرزَ قصبَ السَّبَق

فإذا العام توارى غَرقَتْ *** لِتُحَييِّ فجرَ عامِ مُشرِق

هكذا المقدور يجري حكمه *** يا ليالي للبِلى فاَنْطَلقي

واتركي خلفكِ ذِكرى ربمَّا *** كانت النور على المْفُتْرَق

واقرئي من صُوَر الماضي لنا *** عِبَراً تَجلْو الصُّوى في الطرقِ


فهُنا عامٌ وهذا فجره *** هلَّ موفورَ السَّنا والفَلقِ

تلعبُ الآمالُ في أعطافِه *** مُشْرقاتٍ في إهابٍ يَفَق

مُشرئبَّاتِ وفي مَطلعها *** غرةُ الصُبح المنير المونق

والشَّذا الفَوَّاح في موْكبها *** عاطرَ الأنفاس زاكي العَبَق

والسَّنا الضَّاحك في أفيائها *** يغمر الدنيا بسحرِ الرَّوْنقِ

طلعةٌ والصبح من إشراقها *** لِسوى عذبِ المنى لم تُخْلَق

ذكَّرتني، رُب ذكرى رقصت *** بِحنايا ذائبٍ مُحْتَرق

ذكَّرتني، موكب النور سرى *** وَضَحاً يغزو الدُّجىٰ كالفَيْلَقِ

ذكَّرتني الغار في جوف الدُّجىٰ *** وبه النصر الذي لم يُخْفِق

ذكَّرتني المُصْطَفَىٰ مُختبئاً *** يرقب الصُّبح وَلمَّا يَبْثُق

ذكَّرتني صرخةَ الحقِّ وقد *** كُبِتَتْ لكنها لم تُخْنَق


هاجرَ المْختار من موطنهِ***مرهفَ العزمِ، قويَّ المنطق

فانتضى من عزمة الحق الظُّباَ *** جاهدتْ صفاً فلم يفَتَرق

جمعت شمل الأولَىٰ شادوا لَنَا *** صرْحَ مجدٍ، وسلامٍ مُشرقِ

ضله الأهواء لا تجني سِوىٰ *** خرقٍ، يا بئسَهُ من خرق

فاتركوا الأحقاد واحْتَثُّوا الخطَىٰ *** إنَّما الَضِّغْنُ سِلاَحُ المُخْفق

هجرة المختارِ ذكرى فيْضُهَا *** بات يَهْمي بالسّنَا الْمُنْبَثق

عدد المشاهدات 65

اترك تعليقاً