مولده ونشأته
وُلِدَ الأديب طاهر عبد الرحمن زمخشري في 1332/07/27هـ – 1914/06/22م، في بيتهم الكائن بوقف بيت الكاظلي بحارة الفلق بمكَّة المُكرَّمة، قبل انتقاله مع عائلته إلى بيتهم الكائن بمبنى المحكمة الشَّرعية في حارة القرارة بمكَّة المُكرَّمة، حينما كان والدُه يعمل لدى رئيسها الشَّيخ أحمد بن إبراهيم الغزَّاوي.
نشأ وترعرع في حارة الشَّامية بجبل هندي، بعد أن انتقل مع أُسرته إلى بيتهم الجديد فيها.
بدأ حياته التَّعليميَّة في كُتَّاب النوري للشيخ سليمان نوري ووالده الشيخ عبد المعطي نوري بحارة الباب، ودهاليز المحكمة الشَّرعيَّة، وكان لذلك إثراءٌ في طفولته، وساعده في ذلك تشجيع الجيران الطَّيبين له، وتربيته الدِّينيَّة من قِبَل الشيخ عبد الله بن بليهد، والتي قادته لأن يكون طالبًا مُتفوِّقًا في مدرسة الفلاح بمكَّة المُكرَّمة، بعد أن التحق بها عام 1918م، وتخرج منها عام 1349هـ/1929م، وظهر نبوغه فيها.
مال إلى الأدب والشِّعر منذ طفولته مُتأثِّرًا بالشَّيخ أحمد بن إبراهيم الغزَّاوي، وكانت أُولى مُحاولاته الشِّعرية وهو في الصَّفِّ الدِّراسي السَّابع، حينما بلغ الخامسة عشرة من عُمره بالتَّشطير والتَّخميس.
حظي بصيتٍ في مُحيطه الصَّغير فاسترعى انتباه عددٍ من الشخصيات في مُجتمعه، والذين أسهموا في تشكيل عالمه ورسم أقطاب أُفقِه، وكان من أولئك سيِّدة مُثقَّفة كانت تُجاوره في الحيِّ تُدعى «السِّت سُكَّر» وقع اختيارها عليه ليقرأ لها كُتُب السِّيَر والبطولات، فأتاح له ذلك التَّحليق بخياله في عالم الأدب الشَّعبي، بما فيه من الأساطير والأحلام، كما كان للشَّيخ «عرابي سجيني» فضلٌ في توجيهه للقراءة خارج مناهج الدِّراسة، حينما كان يصطحبه مرارًا في مهام حلِّ قضايا الميراث التي اشتغل بها إبان حياته، ما فتح أمامه مجالًا أوسعَ للعلم والمعرفة.
كانت باكورة إنتاجه الشِّعرية قصيدة رثاء في مدير مدرسة الفلاح الشَّيخ عبد الله بن إبراهيم بن حَمَدُوه السِّناري، الذي تُوفِّي في عام 1350هـ/1931م، وبعدها أخذ يُقلِّد الرَّافعي في «أوراق الورد»، فكتب مجموعةً من الخواطر النَّفسية والعاطفيَّة والوُجدانيَّة، أطلق عليها «أوراق العيد»، كل ورقة منها تُقلِّد ورقة وردٍ للرَّافعي.
كما كان يُعارض المتنبي وشوقي وغيرهما، وجمع كل هذه المُعارضات في مجموعةٍ تحت عنوان «من وحي الليل»، وهي عبارة عن تجاربه الشِّعرية الأولى، وبعد مرور ثماني سنوات من إصدار هذه المجموعة وصلت إليه رسالة غريبة من جمعية العرب في دلهي يطلبون منه مُعارضة قصيدة أحمد شوقي «سلوا كؤوس الطلا»، فعارضها.
تزوَّج من حارتهم بالشَّامية في مكَّة المُكرَّمة من السيدة آمنة بانا، وأنجب منها 4 أبناء.
مرَّ بمجموعةٍ من الصَّدمات الحزينة حينما تُوفِّيت والدتُه في طريق عودتها من رحلة علاجيَّة في السُّودان برفقة شقيقه الأصغر «بكر»، بعد إصابتها بمرض عُضال، ثم تُوفِّي والدُه في يوم الأحد 11/03/1363هـ – 05/03/1944م، ودُفِن في مكَّة، ثم تُوفِّيت زوجتُه بعد إصابتها بمرض السُّلِّ، وهو في الثلاثينيَّات من عُمره، ولم يتزوَّج بعدها.
خلال مسيرة حياته تنقَّل وأقام في عددٍ من مُدُن المملكة العربيَّة السعوديَّة وخارجها لفتراتٍ مُتفاوتةٍ، حيث انتقل للعيش بالمدينة المُنوَّرة بناءً على طلب من والده لمُرافقة والدته والعمل فيها في غضون الخمسينيَّات الهجريَّة – الثلاثينيَّات الميلاديَّة، ثم عاد للعيش والعمل في مكَّة المُكرَّمة، ومنها إلى الخرج والرياض للعمل في عام 1361هـ/ 1942م، ثم عاد إلى مكَّة، واستمرَّ في عمله في أمانة العاصمة إلى جانب نشاطاته الإعلاميَّة، وخلالها سافر إلى مصر عدَّة مرَّات كان أوَّلها في عام 1364هـ/1944م، ثم انتقل للعيش والعمل في جِدَّة والتَّفرُّغ للعمل في مجال الإعلام، وخلالها سافر إلى لبنان ومصر عدَّة مرَّات، ولظروف صحيَّة انتقل للعيش إلى مصر لمدة 3 سنوات، ومنها عاد للعيش في جِدَّة، وخلالها سافر إلى تونس والإقامة فيها على فتراتٍ مُتفاوتةٍ على مدى 25عامًا، زار خلالها سويسرا؛ لحضور مُناسبات اجتماعيَّة، وفي أواخر حياته سافر إلى لندن ولوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكيَّة للعلاج، ومنها عاد للتَّنقُّل بين تونس وجِدَّة حتى وفاته في 1407هـ/ 1987م.