نبذة تعريفية
طاهر عبد الرحمن محمد زمخشري
هو أحد الأعلام المَكِّيين السُّعوديين في العصر الحديث الذين أثروا الأدب والفكر والإعلام في القرن العشرين، وصاحبُ أوَّل ديوان شعري يُطبع في تاريخ المملكة العربيَّة السعوديَّة «ديوان أحلام الربيع» (1946م/ 1366هـ)، وأوَّل أديب وشاعر سعودي يُكرَّم خارج السعوديَّة من رئيس الجمهورية التُّونسيَّة الرَّاحل الحبيب بو رقيبة، بالإضافة إلى حصوله على جائزة الدولة التَّقديريَّة للأدب من خادم الحرمين الشَّريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود – رحمه الله – وتُرجمت بعض قصائده إلى اللُّغات الإنجليزيَّة والألمانيَّة والفرنسيَّة بطلبٍ من هيئة اليونيسكو.
يُعَدُّ من شُعراء الرَّعيل الأوَّل وأكثرهم غزارةً في الإنتاج، حيث أصدر نحو 30 ديوانًا شعريًّا، منها (6) في مصر، و(5) في لبنان، و(6) في تونس، و(13) في السعودية، عدا دواوين أخرى تُوفِّي قبل إصدارها.
تُعتبر أعماله الأدبية أحد أهمِّ المدارس الشِّعرية المكِّية في القرن العشرين، وسمَّاها المدرسة الرَّبيعية الحجازيَّة نسبةً إلى الشَّاعر عمرو بن أبي ربيعة.
قال عنه الدكتور عمر السَّاسي: «هو شاعر غنائي مُرهف الحسِّ، يذوب رقَّةً وعُذوبةً، أما شعره فهو من عيون الشِّعر العربي المُعاصر؛ إذ يملأ عشرات الكُتُب دون أن يتأثَّر مُستوى الجودة فيه أداءً وتصويرًا وإبداعًا جماليًّا مُحلِّقًا».
وأعدَّه الأديب عبد الغفور عطار نابغةً، ورأى في شعره امتدادًا للأصالة التي يفوح منها الشِّعر الحجازي الأُموي.
أصبح شِعرُه موضعًا لدراساتٍ جمَّةٍ، منها الأكاديميَّة، وغير الأكاديميَّة، في الجامعات السعوديَّة، وبعض الجامعات العربيَّة، منها جامعة القاهرة، وجامعة الخرطوم، ومعاهد اليونيسكو، وكان من جُملة الدَّارسين لأدبه وأشعاره الدكتور عبد الرحمن الأنصاري، الذي أعدَّ رسالة الماجستير في جامعة القاهرة بعنوان «ظاهرة الهروب في شعر طاهر الزمخشري»، وطُبعت في جِدَّة عام 1960م، والدكتورة مريم بوبشيت، التي أعدَّت رسالة ماجستير بعنوان «شعر طاهر زمخشري»، والدكتورة فاطمة مستور المسعودي، التي أعدَّت دراسةً موضوعيَّةً بعنوان «الصورة الشِّعريَّة عند طاهر زمخشري»، والأستاذ عبد الله عبد الخالق مصطفى، الذي أعدَّ دراسةً بعنوان «طاهر زمخشري حياته وشعره»، والأستاذ الدكتور عبد الله أحمد باقازي الذي أعدَّ دراسةً بعنوان «مظاهر في شعر طاهر زمخشري»، إضافة إلى الدكتور عبد المحسن القحطاني، وغيرهم.
كانت باكورة إنتاجه الأدبي «نشرة المهرجان» في عام 1366هـ/ 1946م، ونُشرت عبر مكتبة الثقافة في مكَّة، وضمَّت مجموعةً من القصائد والخُطب والمقالات بأقلام أُدباء وشُعراء المملكة العربية السعوديَّة آنذاك، جمعها بمناسبة أوَّل رحلة لجلالة الملك فيصل – رحمه الله – إلى أمريكا.
كما أنه من أوائل من كتب الشِّعر العمودي في الصَّحافة السعوديَّة بدءًا بخاطرة نُشرت له في جريدة «البلاد» في الثامن من رمضان عام 1365هـ، الخامس من أغسطس 1946م، وقد جاء فيها:
خلوتُ أسألُ نفسي عن لواعجها
وعن لوافح آلامي وعن إحَني
فقال لي كبدي: بلوى تُحرِّقُني
وقال لي الطَّرفُ أشجانٌ تُؤرِّقُني
وقال لي جسدي: حُزنٌ يُمزِّقُني
وقال لي القلبُ: بُركانٌ يُبدِّدُني
كلٌّ شكا حالةً نكراءَ غير فمي
فلاذ بالصَّمت لم ينطق ولم يبنِ
ومُطبق الفكِّ فوق الفكِّ في دعةٍ
ومران القول بالتَّهريج في مِحَنِ
فقلتُ يا نفسي ذوبي حسرةً وشجى
حتمًا سأصمتُ حتى ينقضي زمني
جمع بين الأدب والفنِّ والإعلام والإدارة؛ فقد تنقَّل في عددٍ من الوظائف الحكوميَّة على مدى 20 عامًا، منها المطبعة الحكوميَّة، وأمانة العاصمة، وديوان الجمارك، علاوة على أنه أصبح أحد الرُّوَّاد الإعلاميين منذ مُساهمته في تأسيس أوَّل إذاعة للمملكة العربيَّة السعوديَّة في مكَّة المُكرَّمة، والعمل فيها، والتي من خلالها أصبح أحد رُوَّاد أدب الطِّفل في العالم العربي بصفةٍ عامَّةٍ، والمملكة العربيَّة السعوديَّة بصفةٍ خاصَّةٍ، عبر برنامجه الشَّهير «ركن الأطفال» الذي اشتُهر من خلاله باسم «بابا طاهر»، وهو أوَّل برنامج للأطفال في المملكة العربيَّة السعوديَّة في أربعينيَّات القرن العشرين، وأتبعه بإصدار أوَّل مجلة سعودية وخليجية للأطفال، مجلة «الروضة» عام (1379هـ/ 1959م).
أثرى السَّاحة الفنيَّة بإسهاماته الموسيقيَّة وكلماته الغنائيَّة، حيث أسَّس أوَّل فرقةٍ موسيقيَّةٍ للإذاعة في تاريخ المملكة العربيَّة السعوديَّة مُكوَّنة من محمد علي بوسطجي، عازف عود، وسليمان شبانة «الدكتور»، عازف كمان، وسعيد شاولي، عازف كمان، وحمزة مغربي، عازف قانون، والهرساني، عازف ناي، وعبد المجيد الهندي، ضابط إيقاع.
ألَّف ولحَّن أوَّل أغنية في المملكة العربيَّة السعوديَّة «يا فرحتي يا بهجتي» المعروفة بـ «البارحة عند الغروب» بمُناسبة افتتاح بلدية الرياض، وسجَّلها في مصر بصوت الفنان المصري عباس البليدي.
كتب أكثر من 100 أغنية أُخرى قدَّم من خلالها عديدًا من الفنَّانين من أشهرهم الموسيقار طارق عبد الحكيم، وغازي علي، وهيام يونس، وابتسام لطفي، وهناء الصافي، وعايدة بو خريص، وفنَّان العرب محمد عبده، وطلال مدَّاح بأُغنيته الشَّهيرة «أسمر حليوة».
أسهم في تدريب عديد من الإذاعيين في بداية نشأة الإذاعة السعوديَّة، فقد قال عنه د. حسين نجار: «كان هو العلم الذي يترسَّم الكثير من الإذاعيين خُطاه ويتبنُّونه في طموحاتهم وتطلُّعاتهم، أعرف «بابا طاهر» منذ فترةٍ طويلةٍ، وكان كُلَّما قابلني في مكانٍ عامٍّ كان يشدُّ على يدي، ويقول: «أمامكم مسيرة طويلة، عليكم أن تحملوا الشُّعلة بأمانٍ، وأن تحرصوا على إيصال الكلمة النَّظيفة التي تتَّفق وسُمعة بلادكم، كان الله في عونكم».
أشرف على أوَّل نقل لصلاة جُمعة من المسجد الحرام والمسجد النَّبوي، ونقل مناسك الحجِّ من المشاعر المُقدَّسة في عرفات ومِنى.
إلى جانب ذلك، كان له اهتمامٌ بالرِّياضة، حيث أسهم في تأسيس نادي الوحدة الرِّياضي الذي كان له ولأعضائه أثرٌ في الحركة الفكريَّة والرِّياضيَّة في بلادنا، وأوَّل مُعلِّق رياضي حينما علَّق على مُباراة كانت بين نادي الوحدة والاتحاد في ساحة إسلام بمكَّة المُكرَّمة، وألَّف ولحَّن أوَّل أُغنية للكُرة «جيب الجون على الرَّايق».
عُرِف بأسماء مُستعارة، منها «وحيد»، و«مُوظَّف مُتقاعد»، و«أنا».
ربطته علاقة صداقة بعديد من الأُدباء والشُّعراء العرب من أشهرهم الأمير الشَّاعر الرَّاحل عبد الله الفيصل، وأحمد رامي، وفاروق جويدة، وأحمد اللغماني… وغيرهم كثيرون.
كان يحلو له أن يُعرِّف نفسه في المحافل والمناسبات بأنه «كومة من الفحم سوداء تلبس ثيابًا بيضاء، وتقول شعرًا قصائده حمراء وخضراء وصفراء»، ويقول إن بطاقتي التَّعريفية:
حسبي من
الحُبِّ، أنِّي بالوفاء له.. أمشي
وأحمل جُرحًا ليس يلتئمُ
وما شكوتُ..
لأنِّي إن ظلمت فكم.. قبلي
من النَّاس في شرع الهوى ظلموا