المحتويات
من ديوان «أغاريد الصحراء 1378هـ – 1958م» طباعة «مطبعة مصر شركة مساهمة مصرية»
“مهداة إلى المجاهدين العاملين في سبيل الحرية والسلام وانتصار الحق..”
الجــــوعُ يصــــرُخ فــي البطـــونْ
والجَـــرح ينـــــزف في العيـــونْ
واليتــــــم حاضَنــــــــه البنـــــــونْ
والبـــؤس يقتحــــم الحصـــــونْ
والنـــاس تُشـــوى فــي أتــونْ
وبكــــــــــــــل أرض لاجئـــــــــــــونْ
***
فالطفــل يصــرُخ أين أمــي..؟!
والأم تهتــــــــــــف يا لَهَمـيِّ
والعــــرب تَمْخُــر فــي خِضَــــمِّ
مـن ثــورة الخطـب الُمِـــــــلمِّ
تغفـــــو بليـــــــــــل مُــــــدْلَهِمِّ
في مَـربِض الهـول الأَصــم
فوق الدروبِ ، وفي الصحارى ، في مغاراتِ السفوحْ
ثَكلــــــــى يمزِّقهــــــا المخــــاض ، ولا تَئِنُّ ولا تبـــــــوحْ
وبكفهـا طفــــلٌ رضيــــــــعٌ ، والثُّديُّ بهـــــــا قُـــــــروح
يبغــي الغِــــذاء ولا غـذاءَ ســـــوى نَفَـــــايات الجـــروح
وأمامهــــا الصبيـــــــــانُ ضَمَتْ من هياكلهم ضُـروح
أغوارُه شُعــــــــل اللهيب ونَفْـثُ هاجــــرهٍ تنــــــــوح
***
لــــم يبـق من زادٍ يُقـــــــات به الأرامــــــل والعــــــيال
وهــمُ عُــــراةٌ يزحفـــــــون من التوجُّــــــع والكَـــــــلال
أجسادهم قِطَـــعٌ لأشــــــلاء تفيــــض بهـــا الرمــال
وعلى شفاههُم اصفــرارُ المـــوت خلَّفــــه السُّــلال
ويتمتمون بِبَحَّةِ المخنــــوق يأمــــل فـــــــي النــــــوال
***
حتـــى المـــروجُ الخضر أجدبَ عُشبُها الزاهي النظيرْ
وتواثبتْ فيهــــا الأفاعـــــي الزاحفــــاتُ مع الهجيـــر
والأُفعوان الفحـــل فـــي شَدِقَيْه زَمْجَـــرةُ السعيــر
فتراكض الرعيــــانُ عن مرعَـــى المواشي ، والغــدير
وتسابقـــــوا والغانيـــــــاتُ لحيثُ يلقـــون المصـــــير
حيث الخيـــــــــامُ الباليــــــــــاتُ وللبــــــــــلاء بها هــدير
***
وَرصـــــاصُ أفَّاكين يهطـــل فوق أدمغةِ العـــذارَى
قــد أطلقــــــوا بالغــــــــدر وَابِلَـــــه، وظنُّـــــوه انتصارا
لم ينسفـــــــــوا بأتونــــــــه إلا الحرَائِـــــر والصغـــــــــارا
والكهـــــــلَ تحملــــه عصـــاه وقد تقوَّس حين سارا
والمرضعـــــاتِ الآمنـــــاتِ مــــع العشيِّ لَـــزِمْنَ دارا
***
أين المــــروءة يا أبـــــاةُ ، وهــــــــذه رمـــــــــم تنـــــــادي؟!
وهياكــــــلٌ كـانت جســـــــومًا بُعْثِــــــرتْ في كـل واد
جِيفٌ تآكـــل بعضُهـــا ، والبعـــضُ مزَّقــــــه الأعـــادي
وتنـــاوحُ الحــــزنِ العميــــــق يذيــــع هَيْنَمَةَ العـــوادي
وتحرُّكُ الأشـلاءِ أصــــــــداءُ النفيــــــر إلــــى الجهــــــــاد
للأخـــذ بالثـــارات عن صــــــــرعى ببطــش الاضطهــاد
***
رامو الســـلام ولوَّحـــــوا بقــوى المهــــالك والدمــــــــارْ
وتفاخــــروا بالقاذفـــــات فضــــــــاع فــــــي الدنيا القـــرار
فالســــــلم في كهف الغيـــــوبِ وما أطـــلَّ ولا أَنـــــــــار
والحقـدُ يختـــطُّ الرمـــوسَ لمـــــن تمـــــادَى في النَّفـــــار
فــــإذا الحيـــــــاة مراجــــــل تطــــــوي لوافحُهـــــا الديــــــار
وإذا تُحــــــــارُ الحــــــرب لعنتُهـــــــم تصيــــــــح بكـــــــــل دار
ملأوا الأكف بشـر غُنـم
ولسوف يقذفهم بِغَمِّ