من ديوان «الشِّراع الرَّفَّاف1974م/1394هـ» طباعة «الشركة التونسية لفنون الرسم»
“مهداة إلى المجاهدين العاملين في سبيل الحرية والسلام وانتصار الحق..”
يا ضميرَ الإنسانِ إنّ دمانا *** قد تلظَّتْ مسعورة في حمانا
تطلبُ الثأر صارخا من طُغَاةٍ *** دَنَّسو الأرضَ غدرة لا طعانَا
وتباهَوْا بأنَّهم قد أصَابُوا *** ما أرَادُوا فألجموا خُذْلاَنَا
بعدَ أنْ أرهَفُوا العدَاءَ سلاحا *** زاده الحقدُ فيهمُ عُنْفُوَاَنَا
كُبْكُبُوا في جهنَّمَ أشعلُوها *** وارْتَمَوْا في لَهيبهَا عيدَانَا
والريَاحُ التي تُصْفرُ فيهمْ *** بعويلٍ يَسْتَنْجدُ الأَعوَانَا
أيُ عَوْنٍ لهمْ سوَى الشر يهذِي *** حين ضاقَتْ به الحياةُ مَكَانَا
ذَرّهُمْ كالهباء في كلِ صقْع *** حوّل الذّر منهمُ ديدانَا
وأفاقُوا على النِّدَاء تَعَالَى *** الوَغَى تُرْجعُ الصدَى نيرَانَا
فالإباءُ الذي يزمجرُ فينا *** حوّلتْهُ ثَاراتُنَا طُوفَانَا
وانبرَى يُرسلُ الكتائبَ أمواجا *** ويمتدُ باللهَّيب لساَنا
يُعلنُ النَّاسَ أنَّنَا قد كَتَبْنَا *** بدماء المجاهدين البَيَانَا
ليعيدَ الخطابَ فَصْلٌا بأنَّا *** قد قَهرْنا كوعدنا الطُّغْيانَا
فالطغاةُ الأُولى يريدونَ قَسْرا *** إنْ يُقيمُوا على ثَرَانَا كيَانَا
شُرِّدُوا قُتلوا وراحوا حيَارَى *** يتعاوَوْنَ أيْنَ نلقى الأَمانَا؟
“فالدّمار الذي نشرنا على الأَرضِ *** رمانا بهولهِ وَطَوَانَا”
“والفناءُ الذي يكشِّر نَابا *** لاكَ منَّا الأرواحَ والأَبدانَا”
“فانتثرنا على الأَديم حُطَاما *** وانتشرنا على الفَضَاء دُخَانَا”
“فلذَاتُ الأَكبادِ منَّا فتَاتٌ *** راحَ يبكي نثَارُه قَتْلانَا”
“جيفٌ أَنْتَنَتْ فَعَاث بهَا البومُ ، وكانتْ جلُودُهَا أكفانَا”
“ومن اللَّعنة التي طَارَدَتْنَا *** قد لَقينا من الأَنَام الهَوانَا”
“والوَغَى لا تزالُ تفغرُ فاهَا *** بعد أنْ صبَ هولُها ما دهانَا”
“أهمُ العربُ أم أبالسُ حَرْبٍ *** قد أجادَوا من فنِّه ألوانَا”
“وهيَ عَشْوَاءُ قد أدَارُوا رحاها *** ثم خاضوا غمارها شُجْعَانَا”
“والبطولاتُ فيهمُ تصنعُ النَّصرَ *** وتحمي الذّمارَ والأوطانَا”
***
يا ضميرَ الإنسَان إنَّا كما كُنَّا *** نُلَبي الندَاءَ إنْ مَا دَعَانَا
نقهرُ الصعْبَ لا نُريدُ عداء *** ونعّدُ الرّدى لمنْ عادانَا
ونشيدُ السَّلاَم صَرْحا على القوّة *** يبقَى موطّدا أركانَا
لا هُراء كما يريدُ التَّلاَحي *** بل نضَالا نُجيدُ فيه الطِّعانَا
نتحدَى إذَا تمادَى التَّعَدى *** أوْ يماري من رَامَنَا عُدْوَانَا
والسلاَمُ الإسْلاَمُ وهو لوَاءٌ *** قد بَسَطْنَا من حوله الْإَيْمَانَا
وانتفَضْنَا نُذُودُ عنه ونمضي *** في طريقٍ مُمَهَّد لخُطَانَا
كلُّنَا يحملُ الكتَابَ سلاَحا *** وهو ما زالَ في الوَرَى فُرْقَانَا
وحَدّتْنَا آيَاتُه وأنَارَتْ *** كلَ درب نرُودُه إخْوانَا
لا شقاقٌ كمَا يَظُنُ الأَعَادي *** بل وفاقٌ به بلغنا منانَا
فإذَا نحنُ أُمَّةٌ ترهفُ العَزْم *** وتُعْطي بحده البُرْهانَا
من قديمٍ بنا الليَّالي تُغَنِّي *** والصَّدَى لا يزالُ يُشْجي الزمانَا
وبخضر الربى وفي عُمْق سينا *** وبجولاننَا وأعلى ذُرانا
الفدَاءُ الذي بَذَلْنَا دمَاء *** لمْ يَكُنْ غيرَ قَطْرَة من دمانَا
أخْضَبَتْ منهُ أرضُنَا فَجنَيْنَا *** والمحاصيلُ من جسوم عِدانَا
وإلى نصرنَا المسيرَة نَمْضي *** والبراهينُ في طريق سُرَانَا
نُشْهدُ الله والملائكَ أَنَّا *** ما اندَفَعْنَا نُريدُ من وَالانَا
فمنَ القائد المظفر فينَا *** اقْتَبَسْنَا الإخْلاَصَ والإيمانَا
فيصَلُ العرب من حمَى حَوزة *** الدين بما في يمينه وافتدانَا